عندما يحل الشتاء عليك فجأة دون سابق إنذار وتحاصرك تلال الجليد من كل جانب حينها تشعر بالبرد القارص يتغلغل بداخلك شيئاً فشيئاً… ويقتل فيك دفء الأمل ويكسوك بشعور قاتل وهو خيبة الأمل..
فإن استسلمت حينها لذلك البرد القارص فسوف تغرق بين طيات التشاؤم وإذا نظرت إلى الجانب المشرق من الأمر وهو لابد من قدوم الربيع إليك.. وتقاوم كل الصعوبات بإيمان روحك وثقتك بالله فأنه عندما خلق الشتاء فحتماً خلق بعده ما هو أجمل وأروع وما هو يستحق الصبر والمعاناة.. ألا وهو الربيع ونسيمه الدافئ… حينها يكون ذلك التفاؤل بعينه..
فما أجمل الحياة عندما ننظر إليها بجانب مشرق و ما أروع إشراق الشمس حينما تشرق علينا بخيوط الأمل…
فتفاءل وكن على أحسن حال دوماً.. فما الحياة إلا امتحان للبشرية قال تعالى: {قُلْ يا عِبادِيَ الَّذينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ}[1].
فسبحان الذي يضفي على النفس رداء الطمأنينة ويلفها بوشاح السكينة و الهدوء..
فاعلم أن الله معك دوماً ودع اليأس والتشاؤم.. فاليأس من أبشع ما يشعر به الإنسان.. وتفاءل بالخير فالله معنا دوماً… قال تعالى في كتابه العزيز: {وَ لا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكافِرُونَ}[2].
فاليأس إذن صفة الكافرين ومن يملك التفاؤل يملك سفينة النجاة التي يبحر بها إلى بر الأمان..
فإن أحسست يوماً أن بينك وبين التفاؤل والأمل أبحر وجبال… فاذكر حينها رحمة الله علينا واذكر مصائب أهل البيت ومواقفهم في كل الأحوال.. فهم قدوتنا في مسيرتنا هذه… فعلى قدر الإيمان يكون التفاؤل… فلنحرص على زيادة إيماننا دائماً…
ولقد أجاد أبو ماضي حيث قال:
أيُّهَذا الشـــــــــــــاكي وَمـــــــــا بِكَ داءٌ
كَيفَ تَغدو إِذا غَــــــــــــــدَوتَ عَليلا
وَتَرى الشَوكَ في الوُرودِ وَتَعمى
أن تَرى فَوقَها النَــــــــــــدى إِكليلا
وَالَّذي نَفسُهُ بِغَيرِ جَمـــــــــــــــــــــالٍ
لا يَرى في الوُجودِ شَيئاً جَميلا
أدرَكَت كُنهَها طُيورُ الرَوابـــــــــي
فَمِنَ العـــــــــــــــــــــارِ أَن تَظَلَّ جَهولا
وَتَعَلَّم حُبَّ الطَبيـــــــــــــــــــعَةِ مِنها
وَاِترُكِ القالَ لِلوَرى وَالقيــــــــــلا
أَنتَ لِــلأَرضِ أَوَّلاً وَأَخيـــــــــــــــــــراً
كُنتَ مَلكاً أَو كُنتَ عَبـــــــداً ذَليلا
كُلُّ مَن يَجمَـــــــــعُ الهُمومَ عَلَيهِ
أَخَذَتهُ الهُــــــــــــــــــــمومُ أَخذاً وَبيلا
َأيُّهَذا الشاكي وَمــــــــــــــا بِكَ داءٌ
كُن جَميلاً تَرَ الوُجودَ جَميـــلا
دعاء الزيدي – العراق
[1] . الزمر: 53
[2] . يوسف: 87.