يعتبر القرآن المصدر الفكريّ والتربويّ الذي يحترم عقل الإنسان ويمنحه الحرية الفكرية, فبحضور القلب عند تلاوة القرآن ومدارسته يستمد القارئ التبصّر المعرفي والصفاء الروحي من وحي ذلك الكتاب المقدس, حيث يمتلك الخطاب المعرفي القرآني التأثير العميق على السلوك الإنساني من نواحٍ متعددة؛ لأنه يهدف إلى إعلاء قيَم العدل والحرية والحوار والفكر واتخاذ الوسائل والأساليب التي توضّح الرؤيا، وتكتشف المعاني والقدرات الكامنة في النفس البشرية.
ولا يتضمن القرآن حكماً من الأحكام بحيث يشلّ حركة العقل في تفكيره، أو يحول بينه وبين الاستزادة من العلوم، بل نراه دوماً يجعل التفكير السليم والنظر إلى آيات ما في خلقه وسيلة من وسائل الإيمان بالله.
ومن هنا يستمد الإنسان المسلم القوة الفكرية والإيمانية من نور القرآن، ومن تدبره وهديه, كما يستمد الوعي الكامل من آياته التي تعكس في ذهنه المشاهد الحيّة والأبعاد الجمالية والحقائق العلمية وغيرها من المؤثرات الإبداعية التي توسّع الخيال وتوقظ الوجدان, ولذا من الوسائل المعرفية لتنمية مهارة التفكير هي:
- القراءة التأملية الواعية بهدوء وعمق, بالوقوف عند الآيات التي تدعو إلى النظر والتفكر والتدبر في الكون والأنفس والآفاق.
- استعراض القيم التربوية التي يحترم فيها القرآن عقل الإنسان ومناقشتها.
- تربية العقل على الاستدلال على ما استدل عليه القرآن.
- طرح أسئلة فكرية وعلمية كثيرة بعد الفراغ من التلاوة ومحاولة الإجابة عنها والاستدلال عليها لتمرين العقل، وتفعيل النشاط الذهني.
ومن الوسائل المعرفية لتنمية مهارة الاستنباط:
- تعويد العقل على التفكير المنطقي من خلال الاستنتاج والاستقراء.
- العصف الذهني ومحاولة استنباط الأفكار من المشاهد القرآنية واسترجاع الذاكرة.
- الوقوف على الآيات وتأملها وإعطاؤها البعد الخيالي.
- الاستدلال على ما استدل عليه القرآن، لتربية المشاعر والعواطف على الاستنباط.
كما أن من الوسائل المعرفية لتنمية مهارة الإبداع والابتكار:
- الوقوف على المشاهد القرآنية التي توسع الخيال، وتعمق الفكر وتوسع المدارك.
- إدراك الأبعاد الجمالية للآيات من حيث البيان والتناسق والانسجام (تذوقاً وإبداعاً).
- الوقوف على محاسن الإبداع الرباني في خلق السماء والأرض والنجوم والكواكب وسائر المخلوقات من خلال الآيات التي تحث على ذلك.
هذه وغيرها من الوسائل التي يمكن أن تنمي العقل البشري وتزيد في معرفته بالاستفاضة من القرآن الكريم الذي يبقى المعين النابض على مرّ الزمن حتى آخر يوم من عمر البشرية.
بقلم مواهب الخطيب _ العراق