باقة ورد أخرى عطرة بأريج المسك والعنبر جمعتها من لطائف عبارات ألقاها سماحة القائد (دام ظله) في حق المرأة, ذلك العنصر الهام في المجتمع والذي يمثل الحجر الأساس في المجتمع الإسلامي, مستعرضة مقتطفات من حالات التساوي والاختلاف بين الرجل والمرأة من منظار سماحته (حفظه الله), بيّن سماحته أن هناك حالات يتكافؤ فيها الرجل والمرأة وحالات يحصل فيها اختلاف, فمن حالات التكافؤ:
1ـ القيم الواقعية والكمالات الإنسانية والوصول إلى ذروة الإنسانية:
إن كلاً من الرجل والمرأة إنسان وساحة التكامل مفتوحة أمامهما, والتكامل هو الهدف من خلقة البشرية كلها, ولا فرق في ذلك بين الرجل والمرأة, فكما تحدث القرآن عن نماذج من الرجال الصالحين والطالحين فقد جاء بنماذج من النساء الصالحات والطالحات, وتقف سيدة النساء فاطمة الزهراء÷ على قمة الإنسانية وتلحق بها في الدرجة الثانية النساء الكبريات في التاريخ.
إن ساحة التكامل مفتوحة أمام كل من الرجل والمرأة وكلما سعيا وبذلا جهودهما وسارا نحو الله فسوف يتكاملان ويرشدان بنفس المقدار. كذلك فإن طريق العلم والمشاركة السياسية مفتوح أمام كليهما.
2ـ الوصول إلى المراتب المعنوية السامية والمدارج الإنسانية:
إن كل المراتب المعنوية السامية والمدرجات الإنسانية مقسمة بين الرجل والمرأة بالتساوي, كلاهما يعمل من أجل الله {مِنْ ذَكَر ٍأَوْ أُنْثى} وكلاهما {فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً}[1]. لقد رسم الإسلام ميدان التكامل والرشد المعنوي للمرأة كما رسمه للرجل وكلاهما يستطيعان الارتقاء لأعلى المراتب المعنوية والسمو الروحي والنفسي, ولذلك يقول تعالى:{إِنَّ الْمُسْلِمينَ وَ الْمُسْلِماتِ وَ الْمُؤْمِنينَ وَ الْمُؤْمِناتِ وَ الْقانِتينَ وَ الْقانِتاتِ وَ الصَّادِقينَ وَ الصَّادِقاتِ وَ الصَّابِرينَ وَ الصَّابِراتِ…}[2]
إن الرجل إلى جانب المرأة في كل مكان وموقع {أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَ أَجْراً عَظيماً}، إن الإسلام يتحيز لتكامل الإنسان ولا يأخذ بنظر الاعتبار جنس المرأة أو جنس الرجل بل المهم هو التكامل الإنساني, وكما يجري في بعض الأحيان الحديث عن الرجل كذلك يجري الحديث عن المرأة, وكما يكرّم الرجل في بعض المناسبات كذلك تكرّم المرأة لأنهما نصفي الجسد الإنساني, وقسمي الوجود البشري.
3ـ الحقوق الخاصة بشؤون الحياة:
قد يعتبر الرجل أن المرأة مخلوق من الدرجة الثانية, ولكن هذا غير صحيح فكلاهما مثل الآخر ويتمتعان بحقوق متساوية في الحياة إلا في مواضع قررها الله تعالى كقوله:{الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساء}[3] أي أن الإشراف على شؤون البيت على عاتق الرجل فهو يذهب ويعمل وأما المرأة فمهما كان لها من الثروة فهي لها, ويجب أن يعيش الرجل والمرأة كرفيقين في الحياة. إن المهم في الإسلام هو العدالة المحضة بين أفراد البشر بما في ذلك الرجل والمرأة.
نعم قد تختلف بعض أحكام المرأة عن أحكام الرجل وذلك لأن طبيعة المرأة تختلف عن طبيعة الرجل, إننا نجد في المعارف الإسلامية أكبر قدر من الحقائق والواقع الفطري والطبيعي البشري فيما يتعلق بالمرأة والرجل.
4ـ التقدّم العلمي والاجتماعي وإدارة العالم:
يجب ان تتوفر للنساء فرصة للسعي في سبيل التقدم العلمي والاجتماعي وبناء وإدارة العالم لأنهن قادرات على ذلك وبقدر استطاعتهن ولا فرق في ذلك بين المرأة والرجل.
من حالات الاختلاف:
1ـ المرأة نموذج للظرافة واللطافة ورهافة الإحساس والرجل مظهر الاعتماد والاتكاء.
إن بعض الأصابع ضخمة وجسيمة جداً ومناسبة لاقتلاع حجر من الأرض ولكن أذا أرادت هذه الأصابع لمس جوهرة دقيقة وصغيرة فليس من المعلوم أنها تستطيع ذلك, على أن بعض الأصابع دقيقة وظريفة لا تستطيع رفع تلك الأحجار لكنها قادرة على جمع فتات المجوهرات والذهب من الأرض.
هكذا الرجل والمرأة لكل منهما مسؤولية ولا يمكن القول أي منهما مسؤوليته أصعب فكلاهما مسؤوليته صعبة. إن روح المرأة ألطف ولذلك فهي بحاجة إلى هدوء وسكينة أكثر وكذلك فهي بحاجة إلى الاتكاء على سند موثوق وقوي وما هو إلا الزوج أو الرجل ولذلك فقد جعل الله المرأة والرجل إلى جوار بعضهما.
2ـ التفاوت في الأحكام لا في الحقوق:
إن المهم في الإسلام هو مراعاة العدالة بين الرجل والمرأة, ففي الإسلام مساواة في الحقوق ولكن قد تختلف أحكام المرأة عن أحكام الرجل في بعض المواطن كما أن طبيعة المرأة تختلف عن طبيعة الرجل في بعض الخصوصيات.
أكتفي بهذا المقدار على أمل متابعة الكلام في العدد القادم بتوفيق من الله تعالى.
إعداد عبير شرارة_ لبنان
[1]. النحل : 97
[2]. الاحزاب: 35
[3]. النساء: 34.