منذ ذلك الوقت الذي تناثرت فيه وريقات الريحانة المحمدية على أرض, أراد داخلوها سحق الحق فيها سحقاً, وإحياء الباطل فيها لجاجة..
في ذلك الوقت فاحت نسمات العزة والشرف والإباء من قطرات مقدسة, كانت تحمل بين طياتها منهجاً كُوِنت أركانه بوحي الإله..
القصة هكذا..
جاء النداء.. عبدي
جاءت التلبية.. لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك.. لبيك وسعديك..
ثم جاء الخطاب إلى..
لم أخرج أشراً ولا بطراً, وإنما خرجت أريد الإصلاح في أمة جدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.. ألا وإنّ الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين, بين السلة والذلة, وهيهات منّا الذلة, يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون..
حدث ما حدث..
احمرت السماء واسود الفضاء وضاقت الأرض, بمن فيها وعليها لِما حدث لجوهر الحياة..
في تلك اللحظة.. استغاث كل من سبّح رب الكون.. قائلون:
الظليمة.. الظليمة من أمة قتلت ريحانة رسولها..
الظليمة.. الظليمة من أمة مزقت قرآنها وضيعته..
تناثرت لؤلؤات.. وسقت ظمأ القلب بمناجاة الحبيب..
أرضيت يا رب.. أرضيت..
اللهم تقبل منا هذا القربان..
مرّ الزمان.. واعتقد العابثين في الأرض بأن دم العزة والكرامة.. قد انتهى ونسماته الأصيلة قد اختلطت مع رياح التجدد والتغير..
ولكنهم نسوا, بأن الحق أقسم بأن دم الحق باقٍ ما بقي الحق..
وحدثت وقفة بعد الأخرى.. وروى الدم الحق مراراً وتكرارا..
ووجِدَ ظلمٌ جديد, يقابله حقٌ جديد موروث..
بدأت قصة أخرى..
تجسد لشهيدنا ما تجسد لجده.. واستشفى من الواقع الأليم تكليفه.. وعزم على إظهار الحق.. ولكن مع حسرة المحب, السبعون والنيف لم يكونوا هناك.. فقط هي كانت “هدى الحيدر” منْ جسدت زينَ الأب في زمن الأموات..
لا جرم لو قلنا بأن بدم شهيدنا وأمثاله, حفظ الإسلام المحمدي الأصيل من جديد, حتى ولو كان زمانه زمن الخذلان وقلة الشجعان..
همسة للشهيد..
يا حسين عصره وزمانه..
كيف للقاصر الجاهل لقدرك أن يستطيع وصفك ومعرفتك..
على الرغم من أنني بحثتُ عنك في كل شيء.. مرة استشف شخصك في كتبك, ومرة أخرى أرى خلقك يتجسد في كريمتك.. ولكن ما يعزيني ويسلي جوارحي.. بأننا كما آمنا بنور الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم, ونحن لم نره ولم نسمع صوته.. فأنا يا سيدي الجليل قد آمنتُ بكَ, وأيقنتُ أنك على الحق من ربك, حتى لو أتيّتُ من زمنٍ غير زمانك..
بقلم زينب محمد الحسين- الحجاز