أبي العزيز.. أبعدتك عني الأقدار, لكن أناملك القوية بالصبر والإيمان من عقر غياهب الطوامير التي غيبك فيها طغاة الأرض لم تنسني, أتحفتني بنصائحك ومواعظك ما يكون لي نبراس حياة في صغري وكبري, وها أنا قررت أن انشرها لكي تتم رسالتك وتمتد عبر الزمن لكل ولد يحتاج نصائح والده لكن غدر الزمن حرمه ذلك الحنان, فرسالتك ليست لي فقط لأنك والد لجميع أبناء جيلي ومن تلانا, ننهل منك الصبر والاستقامة والانضباط بالمنهج..
عزيزي القارئ أشركك كنزن ورثته من أبٍ حنونٍ صبورٍ.. استفد منه وترّحم على والدي فإنه ليس بيننا.. فقد أرهقته جبابرة الأرض حتى التحق بملكوت السماء…
اعلم يا ولدي
إن الزوجة المحبة لك لا تحب أن ترهقك ولا تكلّفك فوق الطاقة ولا يهمّها أن تجوع أو تعرى, إنها لتصبر على ذلك ولكنها لا تصبر على جفائك لها, فارمقها بنظرة إعجاب, فإن ذلك يشبعها, وداعبها بلطافةٍ وحنانٍ فإن ذلك يكسيها.. يكفيها المشاركة بالإحساس, فإنك لا تخسر شيئاً إن فعلت, فبذلك يقوى الحب بينكما وتتغلبان على كل الأزمات طالما الود بينكما سائد والحب قائم..
اعلم يا ولدي
إن للزوجة عليك حقوقاً شرعية واجبة الأداء أنت فيها مكلف.. حقها عليك إعطاؤها مهراً لا تأكل منه شيئاً حتى تطيب لك منه نفساً, غائب الصداق فرض في الذمة واجب الفراغ منه بالأداء معروفاً حقاً على المتقين, {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنيئاً مَريئاً}[1], وإن عليك أن تؤويها في بيت يقيها الحر والبرد ويظلها ويسترها, وإن عليك معيشتها مما يسد الحاجة ويفي بالغرض من مأكل ومشرب وإن عليك كسوتها بما يستر عورتها ويحسن مظهرها ويقيها حرها وبردها. وإن عليك مواصلتها مادياً ومعنوياً وكفايتها جنسياً وعدم حرمانها من ما أحل الله لها من الطيبات وإن عليك معاملتها بحسن الخلق وطيب المعاشرة والمؤانسة والمضاجعة.
اعلم يا ولدي
إن الزواج شركة بين جنسين رأس مالها نفس واحدة بالأصل, حيث خلقهما الله من نفس واحدة وخلق منها زوجها وجعل معدات التأسيس بينهما مودة ورحمة نتاج الرحمة هم الأولاد جعلهم الله ثمرة الأكباد.
قيام هذه الشركة ومقومها الأساس حسن الاختيار واختيار العرق وأخذ الطيب حين الاختيار فالطيبون للطيبات والدين في ذلك أساس فاختيار ذات الدين ضمان يبقى لصالح المعين والأخلاق مع الدين ثمرة اليقين باستمرار المعين وصحة الضمير لحفظ ما في اليمين والله على ذلك بفضله معين.
مواهب الخطيب – العراق
[1] . سورة النساء: .