رشحاتُ كلماتٍ في حق مخلوق أكرمه الله تعالى كما أكرم غيره من بني جنسه…
عبقاتُ كلماتٍ نسجتها معالم فكر الإمام الخامنئي(دام ظله) موضحاً ومعلناً مكانة المرأة ودورها كما أوضح ذلك في مواطنٍ عديدة إضافة إلى بيان وظيفتها وحقوقها وواجباتها عبر صفحات طوال جُمعت في صورة مختارات من كلماته العطرة..
هذه الكلمات التي سأضعها بين يدي طالبي العلم والفهم والحقيقة متصرفة في بعض العبارات بحسب مقتضى الحال والمقام على أن تكون هذه العبارات والكلمات عبر سلسلة من الأعداد المتتالية وتحت عنوان )عبقات من فكر الإمام الخامنئي _دام ظله_(.. ويتناول هذا العدد المقارنة بين النظام الإسلامي والغربي فيما يرتبط بمكانة العائلة وأهميتها..
يعتقد الإمام الخامنئي(دام ظله):
ــ أن العائلة هي الخلية الحقيقية لمنظومة الجسد الاجتماعي المتكونة من الرجل والمرأة.
ــ العائلة هي الكلمة الطيبة المترشح عنها البركة والخير بشكل دائم والكلمة الطيبة هي الأشياء التي أهداها الله تعالى للبشر مادية كانت أم معنوية.
ــ العائلة هي البيئة الآمنة التي يتمكن فيها كل من الأب والأم والأبناء من الإبقاء على أرواحهم وأفكارهم في هذا المناخ الآمن الموثوق ويعملوا على ترشيدها, وإذا ضعفت أركان العائلة بقيت الأجيال المتعاقبة بلا حضن ولا مناعة..
ــ العائلة محل سكن إنسانين, محل الهدوء والاستقرار النفسي لإنسانين, محل تكامل شخص بواسطة آخر, محل كسب النقاء والراحة النفسية.. هذه هي البيئة العائلية المهمة في الإسلام.. إن من فرص الحياة المهمة لكل من الرجل والمرأة هي فرصة الزواج والاستقرار لكونه وسيلة الاستقرار النفسي والسكينة والتفاؤل باستمرار الأنشطة الحياتية, إنه أهم عامل للراحة والسلوان وانكشاف الهموم. في داخل العائلة يستطيع الزوجان تجديد قواهما ومواصلة الكفاح والجهاد في هذه الحياة بالاتجاه الصحيح والمنطقي مستخدماً كلاً منهما السلوكيات والأدوات الصحيحة, هذا الكفاح الذي يحتاج إلى استراحة وإلقاء للأعباء وهذه الاستراحة تحصل في داخل العائلة. لقد عبّر القرآن الكريم في مواضع عدّة أن خلقة المرأة والرجل وتعايشهما وبالتالي الحالة الزوجية بينهما هي من أجل سكنهما واستقرارهما وهدوئهما؛ إن من ثمار تشكيل العائلة أمور عدة:
1ـ استقرار الرجل والمرأة وإتمام شخصيتهما وكمالهما ومن دون العائلة يبقى كل من الرجل والمرأة ناقصين وكذلك كل القضايا الأخرى.
2ـ الإصلاح والتربية الصحيحة والسليمة والكاملة للأفراد من حيث البنية الروحية والعاطفية والنفسية, والمقصود بالأفراد هم آباء وأمهات العائلة والأطفال الذين هم الجيل اللاحق في المجتمع وبدون العائلة سوف تتعطل كل العمليات التربوية وكل الاحتياجات الروحية للبشر فلا يمكن أن تتوفر التربية السليمة ولا يمكن أن يتهيأ التوثب الروحي إلا في أحضان العائلة التي ينشأ فيها الإنسان السليم من الناحية الروحية والعاطفية. إن الزواج سنة رسول الله’ كما في الروايات وهذا يعكس مدى تأكيد الإسلام على مسألة الزواج وذلك لتأثيره في تشكيل العائلة وتربية الإنسان وترشيد فضائله.
3ـ إن تشكيل العائلة هو أساس كل تربية اجتماعية وإنسانية.
4ـ معالجة المشاكل الأخلاقية والمعنوية في المجتمع بفضل العائلة الرصينة القوية أو أن هذه المشاكل لن تظهر فيه أساساً.
5ـ الحفاظ على سلالة المجتمع وانتقال تراثه الثقافي بصورة صحيحة, بينما المجتمعات التي تعاني تضعضع البناء الأسري عادة ما يكون هناك اختلالات.
وإذا ما أردنا المقارنة بين ما طرح سابقاً وما عليه النظام الغربي لوجدنا الفارق والبعد بينهم بُعد المشرق والمغرب, فالعائلة من المنظار الغربي لها مكانة متزلزلة. كلٌ من المرأة والرجل يعاني من تفتت العائلة الذي يتفاقم يوماً بعد يوم بحيث أصبح من يرفع شعار العائلة فإنه يعتبر وخصوصاً من وجهة نظر النساء فرداً صالحاً ورجلاً محبوباً ذا شعبيةٍ بسبب ما يعانونه من تزلزل كيان العائلة.
إن الغرب فَقَدَ هذا الكيان الذي يؤمّن الأمن والسكينة؛ إن الكيانات العائلية تنهار تدريجياً الواحد تلو الآخر, ومن آثار ذلك انعدام الهوية الثقافية والفساد الذي يعانون منه اليوم.
فالعائلة في الثقافة الغربية مفروضة وتشريفية لا معنى لها لأنه عندما يشيع عدم العفاف خاصة في أمريكا وبعض دول أوربا الشمالية فيؤمِّن كلٌ من الرجل والمرأة الحاجة الغريزية من مكان آخر غير العائلة.
لذلك فإن العائلة في العالم الغربي قد نسيت بيئتها وعلاقتها الحميمة.
إن اجتماع كبار العائلة مع صغارهم وتبادلهم العواطف ومساعدتهم بعضهم البعض لا أثر له في العالم الغربي فكم من نساء يعشن وحيدات منقطعات عن العائلة, تعود إلى البيت مساءً فتجد نفسها وحيدة وتستيقظ صباحاً فإذا هي وحيدة لا أنيس لها ولا زوج ولا أبناء ولا أقرباء.
نجد الناس في ذلك المجتمع يعانون من الوحدة في الغالب لأن البيئة العائلية قد نُسيت في تلك المجتمعات..
عبير شرارة – لبنان