شاركت اتحادية رائدات الهدى للطالبات العربيات في مؤسسة بنت الهدى(رض) للتعليم العالي بلجانها الثلاث الحوراء والغدير والنور في الملتقى الرابع للّجان الثقافية في جامعة المصطفى”ص” العالمية حيث حضر الملتقى رؤساء ومعاوني اللجان الثقافية البالغ عددها 235 لجنة من مختلف مدارس ومؤسسات الجامعة من الرجال والنساء, يتقدمهم بعض الأساتذة والمسؤولين, وذلك بجهود ورعاية مؤسسة بنت الهدى للتعليم العالي تحت شعار “نداء الولاية”,
وقد تضمّن الملتقى الفقرات التالية:
- النشيد الوطني للجمهورية الإسلامية الإيرانية.
- تلاوة عطرة للقرآن الكريم.
- كلمة المعاون التربوي الثقافي لجامعة المصطفى العالمية جناب الأستاذ حجة الإسلام والمسلمين السيد شاكري, والتي رحّب فيها بالضيوف والحضور جميعاً وشكر فيها جميع رؤساء اللجان الثقافية بما فيها لجان مؤسسة بنت الهدى التي كان لها السهم الأوفى في إنشاء وإقامة هذا الملتقى, كما أكّد على الاستمرار في العمل الدؤوب لأجل نشر وتبليغ الإسلام الأصيل من خلال هذه اللجان الثقافية والتربوية…
- ندوة لبعض رؤساء اللجان بما فيهم الدول التالية: البحرين, نيجيريا, أفغانستان, اندنوسيا, الهند, وباكستان.. والتي كانت تدور حول محور الولاية مع التأكيد على الفرص والأساليب وسبل الوقاية وغيرها من الأمور..
- تواشيح لرسول الرحمة”ص” قامت بها فرقة نور الثقلين التابعة لجامعة المصطفى العالمية.
- كلمة قيّمة لسماحة آية الله الشيخ الأعرافي, مدير جامعة المصطفى العالمية, والتي ابتدأها بالآية الكريمة: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ}[1], ثم شكر الحضور الكرام والسعي والجهد المبذول من اللجان الثقافية وطلب من الجميع الاهتمام بهذا العمل وبهدفه الراقي.. { أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ} يعني إن ذاتكم ليس فيها سوى الحاجة والفقر, وإن أذعنتم بهذا الفقر لاتصلتم بالغنى الموجود عند الله تعالى, ولعرفتم المعنى الحقيقي للغني المطلق.. إذن يجب أن نعلم أنه لايوجد ولو نقطة واحدة من الغنى في نفوسنا, وهذا هو التوحيد ومعرفة النفس الإنسانية.. أجل هذه الآية تشير إلى التوحيد المسبوق بمعرفة الإنسان ونفسه.. وإن هذا البرهان لهو أهمّ البراهين على إثبات التوحيد والمسمى بالبرهان الفقري..ولذا نرى الكبار في التاريخ أمثال الإمام الخميني”ره” ما كان يخاف أبداً !! لأنه كان مذعناً بفقره الوجودي المتصل بالغنى المطلق.. كان مذعناً بفقر كل البشر وكل المخلوقات, ولذا نراه يقف بكل شجاعة أمام جلاوزة صدام والشاه بكل حزم وصلابة, وهذا يعود إلى التوحيد الراسخ الذي حلّ في ذلك القلب العظيم.. نعم إن اعتقدنا بذلك لتغيرت جميع حياتنا ولاطمأنت قلوبنا {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}[7] فهانت آنذاك علينا كل الصعاب..
- وإن جامعة المصطفى العالمية قد دعتكم لأجل أهم شيء, ألا وهو هذا التوحيد المسبق بمعرفة النفس.. فكلنا فقراء إلى الله وكل وجودنا فقر وحاجة, وما إن أذعنا بهذا الفقر فآنذاك نصبح أغنياء متصلين بالغنى المطلق, بحيث لو أعطينا كل ما في الوجود لما جعلنا تراجعنا عن مسيرنا وهدفنا, كما كان رسولنا الكريم محمد”ص” يقول: “لو وضعت الشمس في يميني والقمر في شمالي ما تركت هذا القول حتى انفذه أو اقتل دونه”[4] وهذا هو الغنى المتصل بالنور المعرفي بالحق الغني الذي {بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ} [5], و{لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ}[6]..
- هذا وإن حتى الآيات التي تشير إلى أن {لِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}[2] و {إنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ}[3] وغيرها من الآيات كلها تشير وتعتمد على هذه الركيزة وهي الإذعان بالفقر والحاجة والعجز أمام الغني المطلق..
- وقد صوّر الفيلسوف العظيم صدر الدين الشيرازي وكذا ما سبقه من الفلاسفة المسلمين هذا الفقر, بأنه ليس فقراً عرفياً أو سطحياً كما يفهمه القاريء, بل إن الفقر هنا فقر مطلق للغاية, كما إن الغنى هنا مطلق للغاية..
- ثم استمر بالحديث بأن الآية الكريمة تشير إلى قضيتين مهمتين هما {أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ} و{وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ}, وإن سعادة البشر لتتوقف على فهم هاتين القضيتين, ولنعلم أننا لو أذعنا بواقعهما لانحلت جميع المشاكل التي تواجهنا في الحياة, ولتعمّق التوحيد في قلوبنا..
إذن نحن أتينا لهذه الجامعة المباركة لأجل أن نوحّد أولاً وقبل كل شيء, ولذا كان السيد الحائري يقول حينما طلب منه درساً للأخلاق فأجاب يجب أن نكون موحّدين قبل كل شيء آنذاك سوف ننال كل القيم الراقية بما فيها القيم الأخلاقية..
الطبع إن ما نقصده ليس التوحيد التكفيري الوهابي, بل التوحيد العميق والنقي الصافي المتجلي في نهج البلاغة عن لسان سيدنا علي بن أبي طالب”ع”, ذلك التوحيد الذي يعتمد على عبور وتخطّي حب النفس والتجاوز من جنازة حبّ الشهوات..
أما المحور الثاني من محاضرة الشيخ الأعرافي, فقد أشار فيها إلى رسالة القائد المفدى الخامنئي (دام ظله) وأنها كانت تريد أن ترفع الحجب عن الثقافة الغربية التي حلّت في المجتمع الغربي من عصر الرونسانس والمليئة بالبريق اللامع وسرقت الهوية الإنسانية بما فيها من قيم وأخلاق, وجرّدت الإنسان من معارف السماء والكمال الملكوتي, وسارت به نحو العالم المادي.. تلك الحضارة التي امتدت إلى كل العالم وجرفت الجميع معها بما أنها تجيب الشهوات والرغبات المحبذة عند النفس الإنسانية.. تلك الحضارة التي همّشت الديانة وخاصة الدين الإسلامي.. ومع الأسف الشديد كان لأصحابها القدرة والنفوذ إلى الإسلام, حيث هجموا عليه من كل الجهات وبكل الأساليب..
إن الليبرالية والعلمانية التي تجذّرت في الإنسان الغربي هي التي جعلته يشن الهجمات على الإسلام وخاصة على الثورة الإسلامية في إيران, وقد التفّت هذه الاتجاهات على الفرد الغربي فحاصرته بإعلامها كالأخطبوط فأصبح أسيراً لها.. وكانت رسالة القائد الخامنئي (دام ظله) عبارة عن سلسلة تهدف إلى إزالة الحجب عن الإنسان الغربي وتعرّفه بالإسلام وبمنظومته القائمة على أساس الفطرة الإنسانية السليمة..
فيجب أن تنفذ هذه الرسالة إلى أسماع وقلوب الشباب الغربي, لذا يجب أن لا نكتف ببثها ونشرها في مدة معينة وفي شبكات اجتماعية محدودة, بل يجب أن نستمر بنشر وترويج هذه الرسالة لأن هذا الهدف يتطلب عملاً عميقاً ودؤوباً لأجل رفع هذه الحجب التي أسدلت على القلوب منذ مئات السنين لكنه ليس بأمر محال, بل ممكن صعب.. فلما كانت الثورة الإسلامية كالمعجزة في ذلك الزمن حيث كان الجميع لا يتصور انتصارها, لكنها انتصرت وقامت, فكذلك هذه الرسالة يمكن أن ترفع الحجب عن أفكار الإنسان الغربي وتدعوه إلى فطرته السليمة لأنها عبارة عن مجموعة متجذرة في فكر الإمام الخميني”ره” والقائد الخامنئي(دام ظله), فعلينا أن ننتظر نتائجها المرجوّة..
إن محتوى هذه الرسالة يشير إلى أن الثورة الإسلامية تنطوي على روح المحاورة وتبادل الآراء {تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ}[8] بمعنى أنه يجب الحديث والاتفاق على كل العناصر المشتركة التي تدعو إلى الجلوس حول طاولة واحدة. وهذه هي المعرفة الإسلامية والعقلية للإنسان..
وفي الأخير.. نحن نقدّر ونشكر اللجان الثقافية وإنها لتمثل لوحدها جامعة المصطفى”ص” العالمية مع كل الصعاب وقلة الإمكانيات, فيجب أن تُطوّر حتى تعطي نتائج أفضل.. لكن مع ذلك نطلب من اللجان أن توسع الأفق المعرفي والتربوي ورصد المشاكل الاجتماعية والدينية.. وأنني لأدعوكم{أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى}[9].
تقریر الأستاذة آلاء الحيدري – العراق
[1] .سورة فاطر: 15.
[2] . سورة الفتح: 4.
[3] . سورة آل عمران: 154.
[4] . بحار الأنوار, ج 9, ص143.
[5] .سورة المؤمنون: 88.
[6] . سورة سبأ: 3.
[7] . سورة الرعد: 28.
[8] . سورة آل عمران: 64.
[9] . سورة سبأ: 46.