هناك أمور ينبغي على كل من الرجل والمرأة تحصيلها أو الاطلاع عليها قبل تكوين الأسرة والارتباط برباط الزوجية المقدس, وهي كالتالي:
وهنا لابد لكل واحد منهما أن يطلّع على طبيعة الآخر, بحكم العلقة التي ستكون بينهما, ولابد من الاطلاع على التشريعات الإلهية في هذا الباب؛ لأنه مما يبتلى به. فالشارع المقدس رحمة بعباده عرّفهم طبيعتهم, وبين التشريعات والتوجيهات التي تتناسب وتلك الطبيعة, وإليكم بعض تلك التوجيهات والتشريعات:
أولا: اختيار المسلم للمسلمة, والمسلمة للمسلم من خلال ذلك العقد الذي شرعه الباري تعالى (الزواج), إذ بدونه لا نكاح ولا زواج. نعم, هناك آراء مختلفة عند بعض العلماء في جواز الزواج من المرأة الكتابية, قال تعالى: {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ}[1].
ثانياً: أن تختار المرأة الرجل العفيف, وصاحب الخلق, وأطلقت عليه بعض الروايات بالكفؤ.
فعن أبي عبد الله “ع” أنه قال: “الكفؤ أن يكون عفيفاً وعنده يسار”[2].
وعن الحسين بن بشّار الواسطي قال: كتبت إلى أبي الحسن الرضا”ع”: إنَّ لي قرابة قد خطب إلي وفي خلقه سوء قال”ع”: “لا تزوجّه إن كان سيء الخلق”[3].
ثالثاً: أكدّت الروايات على اختيار المرأة العفيفة الولود, صاحبة الدين, فقد ورد عن النبي”ص”أنه قال: “خير نسائكم الولود العفيفة العزيزة في أهلها الذليلة مع بعلها المتبرجة مع زوجها الحصان على غيره التي تسمع قوله وتطيع أمره وإذا خلا بها بذلت له ما يريد منها ولم تبذل كتبذّل الرجال”[4].
رابعاً: تحذير الرسول”ص” من اختيار المرأة الحسناء في منبت السوء وسمّاها بخضراء الدمن.
قال”ص”: “أيها الناس إياكم وخضراء الدمن, قيل يا رسول الله, وما خضراء الدمن؟ قال”ص”: المرأة الحسناء في منبت السوء”[5].
خامساً: تحذّير الشارع المقدس من الزواج بشارب الخمر, أو البخيل, من خلال ورود الكثير من الروايات منها: “..وإياكم والبخل فإنها عاهة لا تكون في حر ولا مؤمن إنها خلاف الإيمان”[6]، ومنها: قال رسول الله”ص”: “من شرب الخمر بعد ما حرّمها الله على لساني فليس بأهل أن يزوّج إذا خطب”[7] .
نكتفي بهذا المقدار, ومن أراد التوسعة فعليه مراجعة الروايات والموسعات من الكتب.
إن أهم خطوة يقوم بها كل من الرجل والمرأة إذا أرادا الزواج هو السؤال والاستشارة ممن له اطلاع بأحوال المسؤول عنه, ولا يتسرّع في الإقدام إن لم يحصل على شهادة الآخرين ممن يوثق بهم وبرأيهم على صلاحية المورد الذي أقدم عليه. فالمرأة مثلاً التي إذا طلب شخص يدها للزواج, فلابد إن تكلف الأشخاص الذين لهم القدرة والخبرة لمعرفة أحواله, من دينه, وخلقه, وقدرته على تكفلها في بيت الزوجية, كأن يتملك صنعة أو مهنة معينة أو صاحب أعمال حرّة. وبعبارة مختصرة, رجل لديه غيرة على عرضة وأهله تمنعه من ترك السعي والعمل لتوفير احتياجات البيت. ولديه الذوق والشفافية في التعامل مع الآخرين وبالأخص زوجته.
لابد أن تُطلعَ المرأةُ الرجلَ المتقدم على الزواج منها, على العيوب الموجودة فيها سواء كانت عيوب بدنية أو عيوب معنوية, كأن كانت صاحبة مزاج خاص, وكذلك الرجل عليه التعريف بعيوبه مطلقاًَ (بدنية أو معنوية), وكما يقولون الزواج المبني على الغش محكوم بالفشل, وثمنه التعاسة والخسران في الدنيا والآخرة, مضافاً إلى ذلك لابد أن يكون كل منهما واضحاً في هدفه من الزواج, لا يتوقع كل من الرجل والمرأة السعادة والهناء من اقتران قائم على إظهار شي آخر, كأن تقبل المرأة بزوج لأجل ماله وتظهر له أنها تريده لدينه أو رجولته وشهامته وهكذا العكس.
لما كان أمر الزواج يخص كل من الرجل والمرأة, فلابد أن يكون القرار النهائي بالزواج بيدهما لا بيد غيرهما, وإن كان قبول رأي الآخرين وقرارهم أمراً حسناً؛ لإن من يمضي ما قرره الآخرون يكون إمضاؤه هو القرار النهائي.
وأما من استسلم لقرار الآخرين من دون قناعة بقرارهم, فربما يؤدي ذلك إلى فشل الزواج وعدم تحقق أغراضه المرجوة, كما هو المشاهد في أكثر حالات الزواج من هذا القبيل.
فربما توجد عند كل من الرجل والمرأة شروط, فينبغي أن يُعَّرفا بها قبل الزواج ولا يسكتا عنها اعتماداً على إنها لا ترفض, أو إنها واضحة لا يحتاج إلى التصريح بها.
نعم ينبغي استعمال الأسلوب الدبلوماسي في بيانها, لا الصرامة والحدّة حتى لا يساء الظن بأن صاحب الشروط يريد أن يتسلط على الآخر أو نحو ذلك من الظنون.
بقلم الأستاذة رباب دلشاد
- 1. سورة البقرة, آية, 221.
- 2. وسائل الشيعة, ج20, ص78, 79.
- 3. مستدرك الوسائل, ج14, ص192.
- 4. وسائل الشيعة, ج14, ص33.
[5].معاني الأخبار, 316.
[6]. بحار الأنوار, ج75, 346.
[7]. فروع الكافي, ج5, ص348