عندما نلاحظ أتباع الأديان السماوية في طقوسهم وممارساتهم الدينية, نجد أن اليهود التزموا مظاهر دينهم وشعائرهم, وأهملوا تهذيب النفس وتطهير القلب, وفي قبالهم النصارى انشغلوا بتصفية الباطن, وتركوا مظاهر الدين وعلائمه الخارجية, لكن الإسلام اهتم بالظاهر والباطن وأكّد على الارتباط بينهما, فقد حثّ على تزكية النفس وتهذيب الباطن, ومن ثم اهتمّ بالمطاهر والشعائر لإعلاء راية الإسلام عالية خفّاقة, فقال تعالى: {وَ مَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللَّهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ}[1], والشعائر جمع شعيرة, وهي كل علامة ترشد إلى الله تعالى وطاعته, فهي المعالم الظاهرة للحواس, والتي تدلّ على الدين الإسلامي وترشد الناس إليه, وهنا يمكن القول أن شعائر الله تشمل جميع الأعمال الدينية التي تذكّر الإنسان بالله تعالى وعظمته.
ومن الواضح أن تعظيم أهل البيت”ع” وإحياء ذكرهم وأبراز الحزن عليهم هو مصداق للمودة التي أمرنا بها في قوله تعالى: {قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى}[2] , ومصداق واضح لإحياء أمرهم الذي ندبنا في الحديث عن الباقر”ع”: “رحم الله من أحيا أمرنا”[3], من هنا كان تعظيم أهل البيت “ع” والمشي إلى مراقدهم لزيارتها, وإبراز الحزن عليهم نوعاً من تعظيم الشعائر الإلهية المبرزة للدين الإسلامي والدالة عليه.
والجدير بالذكر أن الآية الكريمة في حال المدح والتمجيد لمن يعظم حرمات الشعائر الإلهية ويروّج لها, ومع أنها من الأمور العامة والعلامات الظاهرة والمبرزة للدين الإسلامي إلا أنها نابعة من الورع والتقوى وتطهير الباطن, وهو من أمر معنوي يرجع إلى القلوب والنفوس..
وهذه الشعائر والمظاهر الدينية قد تختلط بأمور جوفاء تدعو إلى تشويه الدين وأهدافه, من هنا يتبلور دور العلماء في توضيح الشعائر الصحيحة من الأعمال الباطلة المشينة للدين الإسلامي, وبما أن الطاعة في هذه الأمور قد تكون أمرا شاقاً على الناس, لذلك بيّنت الآية الكريمة أن الناس قد تختلف عن تشخيص العلماء فاحتاج الناس إلى حالة من رعاية التقوى من أجل التزام الطاعة لكبار الأمة ومن بيدهم مقاليد الأمور.
الأستاذة آلاء الحیدری – عراق
[1]. سورة الحج: الآية 32.
[2]. سورة الشورى: الآية 23.
[3]. وسائل الشيعة, 10,459, الباب 98.