البارقة الخامسة
إذا نظرت إلى المرآة فلا يخلو الأمر عن: أن تنظر إلى صورتك في المرآة عندها لن ترى نفس المرآة لأنها تكون مختفية في الصورة. وإذا نظرت إلى نفس المرآة عندها لن ترى صورتك فيها. (هل جرَّبت هذا من قبل, لا تتباطأ قم الآن وجرب!!) والآن لدينا خالق واحد أحد, ولدينا مخلوقات كثيرة لاتعد ولاتحصى فأيهما المرآة وأيهما الصورة؟!! إذا نظرت إلى المخلوقات(الكثرة) من حولك فسيكون الله(الوحدة) مرآة لهذه الكثرة وحكم المرآة أن لا تُرى, فستشاهد الخلق فقط, وهذه العين حولاء لأنها لن تشاهد إلا الكثرة(المخلوق) فقط. وإذا نظرت إلى الله (الوحدة) كانت الكثرة مرآة له وحكم المرآة أن لا ترى, فستشاهد الحق فقط, وهذه العين عوراء لأنها لن تشاهد إلا الوحدة فقط. فما الحل كلاهما مرآة وصورة؟!! هلا عرفت.. الإنسان السالم الذي يرى بالعينين معاً يرى الحق مرآة للخلق كما يرى الخلق مرآة للحق. فهل عرفت دور المرآة الآن؟ وهل عرفت كيف تفكر عندما تقف أمامها؟ قل لي بالله عليك أخا الإيمان أتريد عيناً أم عينين الآن؟!! وكما روي عن الرسول صلى الله عليه وآله أنه قال:”….أنا ذو العينين” تأمل ملياً في هذا التشبيه!!! حاول تطبيق المثال على الكلام ترى عجباً. وبعدها إذا أحببت أن تلبس هذه النظارة الجديدة فستختلف نظرتك تجاه الأمور والحوادث والمصائب التي تحدث لك ولربما قلت في النهاية :”ما رأيت إلا جميلاً”!!! سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ [فصلت : 53]
بقلم السيد عدنان الحريري – سوريا