للسيدةِ الفاضلةِ صفية بنت عبد المطلب(رض)
لقد كانت السيدة صفية(رض) من الذين انضموا إلى موكب النور هي وفتاها الزبير بن العوام, وعانت ما عاناه المسلمون السابقون من بأس قريش وعنتها وطغيانها.
فلما أذن الله لنبيّه والمؤمنين معه بالهجرة إلى المدينة, خلّفت السيدة الهاشمية وراءها مكة بكل مالها فيها من أفضل الذكريات, ثم هاجرت بدينها إلى الله عزّ وجل ورسوله الكريم… وعلى الرغم من أن السيدة الكريمة صفية كانت يومئذ تخطو نحو الستين من عمرها, إلا أنها كانت صاحبة مواقف بطولية ذكرها التاريخ.
ومن هذه المواقف, موقفها البطولي يوم اُحد, فقد خرجت(رض) مع جند المسلمين في طائفة من النساء جهاداً في سبيل الله, فجعلت تنقل الماء وتروي العطاشى, وتبري السهام, وتصلح الأقواس..
وظلّت ترقب المعركة لحظةً بلحظة, حيث كان في أرض المعركة ابن أخيها محمد”ص” وأخوها حمزة بن عبد المطلب أسد الله, وابنها الزبير بن العوام. ولما رأت المسلمين ينكشفون ويتفرقون عن رسول الله”ص” إلا قليلاً منهم, ووجدت المشركين يوشكون أن يصلوا إلى النبي”ص” ويقضوا عليه, طرحت سقاءها أرضاً وهبّت كالأسد العرين وانتزعت من يد أحد المنهزمين رمحه, ومضت تشقّ به الصفوف وتضرب بسنانه الوجوه و تزأر في المسلمين قائلة:
“ويحكم, انهزمتم عن رسول الله؟!!”
فلما رأها النبي”ص” مقبلة, خشي عليها أن ترى أخاها الحمزة”ع” وهو صريع وقد مثّل به المشركون أبشع تمثيل, فأشار إلى ابنها الزبير قائلاً: “المرأة يا زبير.. المرأة يا زبير..”
فأقبل عليها الزبير وقال: “يا اُماه إليك.. إليك يا اُماه.. إليك يا اُماه..” فقالت: تنح لا اُم لك, فقال: إن رسول الله”ص” يأمرك أن ترجعي فقالت: و لِم؟!.. إنه قد بلغني أنه مُثل بأخي وذلك في الله, فقال له الرسول”ص”: “خلّ سبيلها يا زبير”, فخلى سبيلها..
ولما وضعت المعركة أوزارها, وقفت صفية على أخيها حمزة فوجدته قد بُقِر بطنه واُخرجت كبده وجدع أنفه وصملت اُذناه, وشوّه وجهه فاستغفرت له, وجعلت تقول: إن ذلك في الله.. لقد رضيت بقضاء الله, و الله لأصبرن ولأحتسبن إن شاء الله تعالى..
إعداد آيات الباوي_ عراق
المصدر: انظر الطبقات الكبرى, ابن سعد, ج8, ص41.