البارقة السادسة
هل نستطيع أن نميت أنفسنا؟
نعم وألف نعم, ولأهل المعرفة تقسيمات لطيفة في هذا الموت, لها وجوه مناسبة في الأحاديث الشريفة والروايات فهم يقولون أن الموت الإختياري أربعة أقسام:
أحمر وأبيض وأخضر وأسود.
في هذه البارقة نبين أولاها وهو الموت الأحمر:
الموت الأحمر وهو جهاد (مخالفة) النفس المسماة بالجهاد الأكبر كما روى عن الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله في حديث, وفى حديث آخر:”المجاهد من جاهد نفسه”, فمن مات عن هواه فقد حيى بهداه عن الضلالة وبمعرفته عن الجهالة قال تعالى:” أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا [الأنعام : 122] “.
وعن أبي عبد الله عليه السلام قال : الفقر الموت الأحمر ، فقلت لأبي عبد الله عليه السلام : الفقر
من الدينار والدرهم ؟ فقال : لا ، ولكن من الدين.
وظاهر أن مخالفة النفس هي التمسك بالدين والإنقياد إلى هواها هو فقر الدين فتأمل!
والموت الأحمر مخالفة النفس شبيه بحمرة الدم فإنه من خالف هواه فقد ذبح نفسه.
ما رأيك الآن أليس من المفيد أن يتمنى الإنسان هذا الموت
اللهم مُنَّ علينا وجميع المشتاقين إليك بهذا الموت الذي يحبه الله ورسوله وآله
قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [آل عمران : 31]
ولكن أخي الكريم لا تنس أن كل هارب من شيء يطلب البعد منه إلا الهارب من الموت فإن فراره منه في مدة عمره يستلزم انقطاع تلك المدة وانقطاعها يستلزم ملاقاة الموت وموافاته, فتبصَّر
قال الأمير عليه السلام:” والهرب منه موافاته” صدق ولي الله
وأظنك عرفت سرَّ:
موتوا قبل أن تموتوا
موتكم في حياتكم وحياتكم في موتكم
الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا
وإلى موت آخر أستودعكم العلي العظيم
والحمد لله رب العالمين
والسلام عليكم ورحمة الله
بقلم السيد عدنان الحريري – سوريا