تسامح الأئمة عليهم السلام
يحكى أنّه كان قاضي قضاة بغداد محبّاً لعلي ـ عليه السلام ـ وقد كان معاصراً للشاعر ابن الصيفي، يقول القاضي: رأيت ذات ليلة في منامي أمير المؤمنين ـ عليه السلام ـ فقلت له: سيدي حتّام أنتم تتسامحون و تعفون، دخل رسول الله إلى مكة فنادى بالناس: من دخل المسجد فهو آمن، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن، وكذلك أنت عفوت عن الأسرى في معركة الجمل و غيرها، فما الداعي لهذا العفو و التسامح مع أعدائكم؟
فقال لي الإمام ـ عليه السلام ـ : أما قرأت أبيات ابن الصيفي؟
ثم استيقظت فقلت: والله لأذهبنّ الساعة رغم أن الوقت متأخر إلى ابن الصيفي ـ و كان القاضي يسكن الرصافة و ابن الصيفي يسكن الكرخ ـ فعبرت النهر حتى جئت إلى بيته، فطرقت الباب وخرج إليّ، فلما رآني رحب بي وقال: قاضي القضاة على باب داري ! أهلاً و مرحباً .. فقلت له: لقد رأيت علي بن أبي طالب ـ عليه السلام ـ الساعة في منامي و أخبرني بأن لك أبياتاً تفسر عفو أهل البيت و حلمهم على أعدائهم فاقرأها عليّ. و إذا بابن الصيفي يقول: الله أكبر و وقع ساجداً على الأرض و دموعه تجري وهو يقول: والله لقد قلتها الليلة في داخل غرفتي ولم يعلم بها أحد إلّا الله فقد قلتها و أنا نائم على وسادتي، وهذه هي الأبيات:
ملكنا فكان العفــــــو منّا سجيّــــة فلمّا ملكتم ســــــــــال بالدم أبطحُ
و حلّلتمُ قتل الأُسارى و طالمـــــا غدونا عن الأسرى نعفّ و نصفحُ
فحسبكم هذا التفــــــاوت بيننــــا وكل إناء باللذي فيــــــــــه ينضحُ