لِأخطّ عن هالة النور لابد من تناول شيء من الضياء ..الممتـزج بالبهاء .. وجعله على قرطاس الآلاء ..
لتظهر حروفٌ تتواضع أمام العمامة السوداء ..
أمهلت القلم ساعات, بعدها أيام لتصل إلى الشهور .. علّه يخطّ ما يرقى لمستوى السيد الشهيد .. كتباً, مقالاتٍ .. علّي أستشف من السطر وأخيه, من الكلمة وحروفها, من الهيبة وعيونها .. أفكاراً تجعل قصاصة الورقِ هذه … بحق رجلٍ سبق عصره ..
خميني الأمة, لقّبه بجوهر العقل الإسلامي المفكر ..
خوئي العلم, وصفه بالرجل الفلتة والعجيب ..
نابغةٌ يتمتع بالحضور والنظرة العميقة البعيدة ..
علويّ الفكر ..
حسينيّ النهج ..
جعفري الصمود.. أجل الصمود أمام طاغية لم يعرف يوماً صفة من صفات باقر علوم النجف الأشرف ..
طاغية, كسّر أقلاماً وجماجم بقدر ما خطّ الصدر أصولاً وفقهاً وفلسفةً وتفسيراً أضاء بها عقولاً تقدّر العلم ..
طاغية, أفرغ الحقد في رأسه الشريف عبر رصاصة الجهل, لتلقى كتلة العلم, ولتطفئ وهجها وتخرج بقطرة دمٍ, بها تقتل صفة الإنسانية بمطلقها ..
طاغية, هتك حرمة أمير المؤمنين وأهل بيته علیهم السلام في وقت كانت دموع وآلام السيد الشهيد تنهمر على أعتاب المقامات المقدّسة, تغسل الأمة, وتطهر قلوب أُناسها ..
فهو تلميذ الأمير وساكن حضرته ..
حاملاً بيده مصباحاً يهبط به إلى مستوى ظلام العقول ليرقى بهم إلى مستوى نوره ..
نوره المشعّ تواضعاً وعطفاً وصبراً على المآسي والمصاعب, مازاده إلا يقيناً وإصراراً للمضي قدماً نحو تحقيق ما أمكن من نشر علوم أجداده الأطهار , في وقتٍ لم يكن غراب العراق بعيداً عن سرقة جوهرة, ظن بذلك الأسود الكريه أن يحجب شعاعها إلى حين.
فضياء إرث العالم الشهيد طغى على عتمة جهله و كرهه, فبوصلة الفكر البشري طالما أشارت إلى بصمة أبي مرام..
سطّر مراجعاً كتباً بيضاء بدل تلك الصفراء, والشواهد كثيرةٌ, فلسفتنا .. اقتصادنا .. إلى حلقات الأصول التي رسمت فجراً محلقاً في سماء المرجعية والزعامة العلمية والدينية ..
ضائعٌ .. تائهٌ .. أنت يا قلم الإنشاء ..
لم تعرف قدر من تخطّ ..
لم تعرف أثر من تخطّ ..
لم تعرف ألم من تخطّ ..
و لن تعرف علم من تخطّ ..
نعم أورد باقة من مفردات .. لا شهادة بعلامات ..
ليجف آخر المطاف .. أمام هيبة العمامة السوداء, وينحني إجلالاً ممتزجاً بالاعتذار من شهيد العلم والعمل ..
مدی حسين زیعور – لبنان