كلمات خطتها أناملي واقتطفها قلبي من ثمار المنهج الإلهي و المدرسة الفاطمية المتدفقة بالخير والعطاء اللامتناهي, هدية مني لمن هو قرة العين, ومهجة القلب بل هو الروح والقلب, لابتسامة الحياة, للبراءة والجمال, للطفولة في مراحلها الأولى لما لها من أهمية في سعادة الإنسان وخيره.
تأسياً بقول حبيب الإله محمد صلى الله عليه و آله وسلم : ( فاطمة قلبي وروحي التي بين جنبيَّ ) ولما للطفولة في مراحلها الأولى من أهمية فقد عبر عنها علماء النفس بأنها (الحياة بأكملها ) ولما لنفس الطفولة من استعداد لتلقي ما يُزرع فيها, فقد جاء عن أمير المؤمنين علي عليه السلام في وصيته لابنه الحسن:
( إنَّما قَلبُ الحَدَث كالأرضِ الخالية ما ألقي فيها مِن شيءٍ قبلته فبادرتكَ بالأدب قبل أن يقسو قلبك, ويشتغل لبُّك)[1] .
العوامـل المهمـة في التربية الصالحة
أولاً : صلاح الأبوين
فعندما نقتدي ونهتدي بمن هي سيدة العالمين, المرأة التي كابدت الآلام والأحزان ولم تكن لتمنعها من تحقيق السكن, وأن تكون ينبوعاً متدفقاً بالمودة والرحمة الإلهية, فعن لسان شريك حياتها ونفس محمد و علي عليه السلام قال: (ولقد كنت أنظر إليها فتنجلي عني الغموم والأحزان بنظرتي إليها)[2].
ولا يملك هذه الطمأنينة وفيض الحبّ والرحمة إلّا مَن اطمأنت نفسه بذكره تعالى. وهي أم عاشت الأمومة والوظيفة المقدسة, فكانت أشرف قدوة لنا : ( إنّ الأمومة من الوظائف الحسّاسة والمهام الثقيلة التي أُلقيت على عاتق الزهراء × حيث أنجبت خمسة أطفال)[3] .
ثانياً : الرضيع في أول أيامه
أول لحظة يفتح الوليد عينيه بصرخة يطلقها معلنا عن قدومه لهذه الحياة يملأ بها قلب والديه فرحاً, وينسي أمه معاناة كانت وهناً على وهن وآلاماً كادت أن تخرج معها روحها, صرخة يعبّر بها عن وجوده تقابلها ابتسامة أبويه, هي تعبير عن حبهما له.
فمن يهديني لأحفظ الأمانة الإلهية؟
عندما وضعت سيدة النساء الحسن عليه السلام :
( وسعى البشير إلى أبيها | بالنبأ السعيد, فمشى إليها | متشوقاً فرحاً وحمل وليدها بين ذراعيه, وتلا الأذان في مسمعه, ثم أقبل عليه يتأمله في غبطة وحنان. واحتفل النبي | بمولده, فصنع عقيقة في يوم سابعه وحلق شعره وتصدّق بزنة شعره فضة )[4] .
ثالثاً: السنتين الأولى
الأم هي المربية والمدرسة الأولى للإنسانية, والسنتان الأولى يكون فيها الطفل بحاجة إلى أمه لترعاه وتحميه وتطعمه وتحنو عليه لتشبع روحه رحمة وعاطفة, ويُلخص علماء النفس دور الأم بثلاثة وظائف: (1- أخذ الطفل, يعني بها الأعمال التي تتعلق بالجسد مثل النظافة والثياب والمداعبة . 2- الحضور, أو الاستعداد لتقديم الدعم المادي والجسدي والنفسي للطفل. 3- تقديم الأشياء: وهي قدرة الأم على تقديم الأشياء في الوقت الملائم)[5] .
والطفل هو روح وجسد, وكما أن الجسد بحاجة إلى عناية وغذاء كذلك الروح فغذاؤها هو الرحمة والمحبة (الحاجة إلى الحب أولى الحاجات التي يحتاج الطفل إلى إشباعها, فالطفل محتاج إلى أن يشعر بأن هناك حباً يدفئه, والحرمان من حنان الأم وحبها من أشد العوامل خطراً على الحياة النفسية بالنسبة للطفل)[6].
رابعاً: من الثلاث إلى الست سنوات
أ. احترام شخصية الطفل: ( كانت الزهراء عليها السلام تعنى كثيراً باحترام شخصية أطفالها, وتعاملهم معاملة الرجال في التخاطب معهم.
إن هذه المعاملة تقوي معنوية الطفل, وتفهمه أنّه أيضاً يتمتع بمكانة ممتازة في الأسرة والمجتمع)[7] .
ب. معرفة الله
(( إن الحاجة إلى المعرفة من الحاجات المهمة لدى الطفل … إن هذه المحاولة التي يقوم بها الطفل لمعرفة ما يدور حواليه, من العوامل الهامة التي إذا ما عولجت بحكمة, أمكن عن طريق ذلك تنمية ما يمكن أن يكون لدى الطفل من إمكانيات وقدرات)[8] .
ماجدة الأسدي – عراق
[1] منتخب ميزان الحكمة , محمد الري شهري , تلخيص سيد حميد حسيني , ترجمة حميد رضا شيخي ص 416 , قم , مؤسسة دار الحديث .
[2] اعلام الهداية (فاطمة الزهراء ـ ع ـ ) , ص99 و المجمع العالمي لاهل البيت ط(3) , 1427ق .
[3] نفس المصدر .
[4] إنها فاطمة الزهراء , د/محمد عبده يماني , ص192, مؤسسة علوم القرآن منار للنشر والتوزيع , ط5 , 2004م .
[5] الشامل في المدخل إلى علم النفس , د/مريم سليم و د/ ايهام الشعراني, دار النهضة العربية , بيروت , ط 1 , 2005م .
[6] سيكلوجية الطفولة والمراهقة , د/ مصطفى غالب , ص35-36 , دار ومكتبة الهلال , بيروت , 1991م .
[7] فاطمة الزهراء أمُّ أبيها , فاضل الحسيني الميلاني , ص89 -90 , مؤسسة الوفاء .
[8] سيكلوجية الطفولة والمراهقة , د/ مصطفى غالب , ص41 .