نزل سرب حمائم صغير في مزرعة جميلة وكانت هناك بطة صغيرة فأسرعت لهم وحيتهم فردوا عليها التحية بأحسن منها
ثم سألتهم : من أين جئتم والى أين تذهبون ؟
فقال احدهم: نحن نسافر دائما… نجوب البلدان محلقين فوق اراضي الله الواسعة
قالت البطة : أنا لم اخرج قط من هذه المزرعة وكذلك عائلتي فحدثوني عن سفركم وعن الأماكن التي تزورونها ….
قالوا : زرنا الكثير من الأماكن رأينا الجبال والسهول والوديان وطرنا فوق البحار الكبيرة والصحاري الواسعة والغابات الكثيفة ….
قالت : وما هو الفرق بينها هل تختلف هذه الأماكن عن مزرعتنا؟
قالوا : طبعا تختلف… كل منطقة لها ميزاتها وخصائصها المنظر يختلف والطعام يختلف الهواء والرائحة ….
قالت : وأين رأيتم أجمل المناظر وأكلتم أطيب الطعام واستنشقتم أنقى هواء وأنعش رائحة؟
تنفسوا طويلا جميعا ورقرقت دموع في أعينهم وقالوا :عند مراقد أهل البيت عليهم السلام
فهناك حبات الشعير التي نلتقطها من الأرض لها نكهة مميزة
فذارت التراب المقدس التي عليها تعطيها طعما ورائحة لا مثيل لها
وفيها بركة وشفاء ونور لقلوبنا …….
والهواء الذي نتنفسه هناك له عطر خاص
يشرح الصدر ويجعل أرواحنا تحلق دون أن نحتاج إلى تحريك أجنحتنا
قالت : اذن لماذا تتركون تلك الأماكن وتسافرون؟
قالوا : لأنهم سلام الله عليهم ليسوا في مكان واحد بل قبورهم منتشرة في بقاع كثيرة
فقبور بكوفان واخرى بطيبة
واخرى بفخ نالها صلواتي
واخرى بأرض الجوزجان محلها
وقبر ببا خمرى لدى الغربات
و قبر ببغداد لنفس زكية
تضمنها الرحمن في الغرفات
وقبر بطوس يا لها من مصيبة
ألحت على الاحشاء بالزفرات
فكلما ذهبنا لأحدها ابتعدنا عن الباقين واشتاقت أرواحنا لهم
رغم أنهم نور واحد , لكن نفوسنا دوما متعطشة لهم جميعا
نريد القرب منهم كلهم ولا نطيق فراق احدهم
لذلك نحن في حزن دائم
ولن نستريح حتى نجتمع معهم في جنة الخلد …..
سالت دموع البطة الصغيرة وهي تسمع كلام الحمائم وترى دموعها
ثم قالت : وهل زرتموهم جميعا وشاهدتم قبورهم؟
بكت الحمائم بكاء شديدا وقالت : نعم …. عدا قبر أم الأئمة الزهراء عليها السلام لم نستطع زيارتها ولم نقدر أن نشم تراب قبرها
تعجبت البطة وقالت : ولماذا !!
قالوا : لأننا لا نعرف مكان قبرها فقد أوصت سلام الله عليها زوجها الإمام علي عليه السلام وطلبت منه أن يخفي قبرها
قالت البطة : ولماذا طلبت منه هذا وهي تعلم أن محبيها ومواليها سيشتاقون لها؟
قالوا : لأنها أرادت أن تقول للعالم اجمع أنني مت وأنا غاضبة على قومي
مت شهيدة مظلومة مهتضمة … وسأحرم قومي بركة الوقوف على قبري
لأنهم جحدوا حقي واستخفوا بحرمتي وأنكروا فضلي …..
فالويل لهم ولكل من رضي بفعلهم
مسحت البطة دموعها بطرف جناحها وقالت : والى متى سيبقى قبرها مخفي هكذا ؟؟
قالوا : حتى يظهر ولدها الحجة عجل الله فرجه ليأخذ بثأرها وينتقم من ظالميها وممن يسير على نهجهم
ويملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا
قالت : وأنا … متى ازور تلك القباب واشم عطرها وأنعم بجوارها ؟