كان الأستاذ محمد علامة من الشعراء الموالين لأهل البيت ـ عليهم السلام ـ ومن الذاكرين لمصائبهم و أحزانهم، و سننقل لكم هذه القصة التي كتبها بخطّه، قال: تشرّفت في إحدى السنوات بزيارة العتبات المقدّسة في كربلاء و النجف الأشرف، وفي يوم من الأيام كنت واقفاً على باب صحن الإمام الحسين ـ عليه السلام ـ فسمعت صوتاً غريباً في داخل عربة مرّت بقربي، فلما نظرت إلى جهة الصوت شاهدت بنتاً بوضع غير طبيعي وقد أحاط بها أهلها و محارمها وهي تصيح بصوت عالٍ مثير للإنتباه.. فلمّا سألت عنها، قيل لي: إنّها مختلة العقل، والناس الغرباء يتألمون لحالها و هي في ريعان الصبا، فكيف بأهلها؟
وقد تكررت رؤيتي لها عدة أيام و أهلها يأخذونها من حرم الإمام الحسين ـ عليه السلام ـ إلى حرم أبي الفضل العباس ـ سلام الله عليه ـ وفي يوم من أيام زيارتي لأبي الفضل العباس ـ عليه السلام ـ حينما دخلت الحرم الشريف شاهدت الناس وقد تجمهروا عند ضريح أبي الفضل ـ عليه السلام ـ فلمّا سألت عن الخبر، قال لي أحد أصدقائي: إنّ والد تلك البنت قد ربط ابنته عند رجلي أبي الفضل ـ عليه السلام ـ فاقتربت من الضريح و إذا بي أشاهد الرجل وقد وضع عقاله في رقبته على الطريقة العربية المتّبعة، ثم ربط ابنته بأحد طرفي كوفيّته وهو ممسك بها، وربط الطرف الآخر بضريح أبي الفضل ـ عليه السلام ـ عقدة فوق عقدة وهو يتوسّل و يستغيث بأسماء و ألقاب أبي الفضل، فمرّة يقول يا أخا زينب ـ عليها السلام ـ و مرة يا صاحب لواء الحسين ـ عليه السلام ـ و مرة يقول يا صاحب القربة الصغيرة فرّج عن مشكلتي، ولم يدم الحال طويلاً، فقد شاهدتُ بأمّ عيني تلك العقد التي عقدها على الضريح تنفتح الواحدة تلو الأخرى، وعادت البنت إلى حالتها الطبيعية، فوقفت على رجليها وسط أهازيج الناس و أصوات التكبير والتهليل والصلوات، ثم قالت لأبيها: يا أبي إقرأ لي زيارة العباس ـ عليه السلام ـ فقرأ لها وهي تردد خلفه و عيون الناظرين محدقة بها، وخرجت سالمة ببركة باب الحوائج أبي الفضل العباس ـ عليه السلام ـ ..
زينب الأمارة – العراق