لقد عكف العلماء منذ القدم على دراسة الصفات الوراثية التي يحملها الإنسان و أجريت التجارب على آلاف النماذج من مختلف الأصناف والأنواع من الكائنات وقد جاءت الآراء متباينة و مختلفة في هذا الشأن..
فقائل يقول: “إن الصفات إنما تورث من الأب فقط دون الأم”
و غيره يقول: “إنّ نصف الصفات تورث من الأب و النصف الآخر من الجد للأب”.
والبعض يقول: “إن سلسلة الأجيال المتقدمة مهما طالت، وليس للأم ولا لعائلتها أي تأثير في صفات الفرد”..
و كل رأي من هذه الآراء حاول أن يجد ما يؤيد كلامه.. إلى أن توصّل شخص في العصر الحديث و تحديداً في نهاية القرن التاسع عشر إلى قانون أسماه “قانون التوارث عن السلف” استمده من نتائج أبحاثه، و يتلخص هذا القانون في أنّ كل فرد من الأفراد يأخذ نصف صفاته من أبيه و النصف الآخر من أمه لأن كل نواة لخلية بشرية تحتوي على 48 من الكروموزومات، إلّا خلايا البويضة والنطفة فإنها تحوي نصف هذا العدد أي 24 كروموزوم، وعندما يحصل التزاوج بينهما يتم العدد فيبلغ 48 كروموزوم… و رأى أن هذه الكروموزومات هي التي تحمل العناصر المورثة التي تعد الأصل في وراثة الإنسان للصفات.. و لمّا كان كل من الأب و الأم قد أسهم بعدد متساوي من العناصر المورثة، إذاً يكون كل من الأب و الأم متساويين في توريث الصفات للإنسان، و يعتبر هذا القانون نصراً للعلم و العلماء. هذا ونجد أن القرآن الكريم قد لوّح بهذه النظرية قبل المئات من السنين فقال في سورة مريم: “يا أخت هارون ماكان أبوك إمرأ سوءٍ وما كانت أمك بغيّا”، في إشارة منه إلى أن مريم لا تحمل صفات الإثم و السوء لأن أباها لم يكن إمرأ سوء و ماكان أمها بغيّا..
و الملفت للنظر أن نجد الزهراء ـ عليها السلام ـ قد أكدت في أكثر من مرّة في خطبتها الشهيرة أنها ابنة النبي ـ صلوات الله عليه ـ و أن أباها الرسول للإشارة إلى أنها ورثت صفاته و أخلاقه و علومه فهي فرع تلك الشجرة التي أصلها ثابت و فرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها..
قالت ـ عليها السلام ـ في خطبتها: “و أشهد أن أبي محمداً عبده ورسوله، اختاره و انتجبه قبل أن أرسله و سمّاه قبل أن اجتباه …” و من ثم قالت: “أيها الناس اعلموا أنّي فاطمة، و أبي محمد ـ صلوات الله عليه ـ أقول عوداً و بدءاً ولا أقول ما أقول غلطاً، ولا أفعل ما أفعل شططاً”
و قالت في مكان آخر: “فإن تعزوه وتعرفوه تجدوه أبي دون نسائكم و أخا ابن عمّي دون رجالكم، لينعم المعزيّ إليه ـ صلوات الله عليه ـ “…
زهراء الوردي ـ العراق