ورد عن رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ : “… كان حبشياً”[1].
وعن حماد قال: “سألت أبا عبد الله ـ عليه السلام ـ عن لقمان و حكمته التي ذكرها الله عزوجل، فقال: أما والله ما أوتي لقمان الحكمة بحسب ولا مال ولا أهل ولا بسط في جسم ولا جمال، ولكنه كان رجلاً قويّاً في أمر الله، متورعاً في الله، ساكتاً، سكيناً، عميق النظر، طويل الفكر، حديد النظر، مستغن بالعبر، لم ينم نهاراً قط، ولم يره أحد من الناس على بول ولا غائط ولا اغتسال لشدة تستره وعموق نظره و تحفظه في أمره، ولم يضحك من شيء قط مخافة الإثم، ولم يغضب قط، ولم يمازح إنساناً قط، ولم يفرح لشيء إن أتاه من أمر الدنيا، ولا حزن منها على شيء قط، وقد نكح من النساء و ولد له الأولاد الكثيرة و قدّم أكثرهم إفراطاً فما بكى على موت أحد منهم، ولم يمر برجلين يختصمان أو يقتتلان إلّا أصلح بينهما، ولم يمض عنهما حتى تحاجزا، ولم يسمع قولاً قط من أحد استحسنه إلّا سأل عن تفسيره وعمّن أخذه، وكان يكثر مجالسة الفقهاء والحكماء، و كان يغشى القضاة والملوك و السلاطين فيرثي للقضاة مما ابتلوا به، و يرحم الملوك و السلاطين لغرّتهم بالله و طمأنينتهم في ذلك، و يعتبر و يتعلم ما يغلب به نفسه، و يجاهد به هواه، و يحترز به من الشيطان، و كان يداوي قلبه بالتفكر، و يداري نفسه بالعبر، و كان لا يظعن إلّا فيما يعنيه، فبذلك أوتي الحكمة، و منح العصمة، و إن الله تبارك و تعالى أمر طوائف من الملائكة حين انتصف النهار و هدأت العيون بالقائلة فنادوا لقمان حيث يسمع ولا يراهم فقالوا: يا لقمان هل لك أن يجعلك الله خليفة في الأرض، تحكم بين الناس؟ فقال لقمان: إن أمرني ربي بذلك فالسمع والطاعة، لأنه إن فعل بي ذلك أعانني عليه و علمني و عصمني، و إن هو خيرني قبلت العافية، فقالت الملائكة: يا لقمان لم؟ قال: لأنّ الحكم بين الناس بأشد المنازل من الدين، و أكثر فتناّ و بلاء ما يخذل و لا يعان، و يغشاه الظلم من كل مكان، و صاحبه منه بين أمرين: إن أصاب فيه الحق فبالحري أن يسلم، و إن أخطأ أخطأ طريق الجنة، ومن يكن في الدنيا ذليلاً و ضعيفاّ كان أهون عليه في المعاد من أن يكون فيه حكماً سرياً شريفاً. و من اختار الدنيا على الآخرة يخسرهما كلتيهما، تزول هذه ولا تدرك تلك. قال: فتعجبت الملائكة من حكمته، و إستحسن الرحمن منطقه، فلمّا أمسى و أخذ مضجعه من الليل أنزل الله عليه الحكمة فغشّاه بها من قرنه إلى قدمه و هو نائم، و غطّاه بالحكمة غطاء، فاستيقظ وهو أحكم الناس في زمانه، و خرج على الناس ينطق بالحكمة و يبينها فيها، قال: فلما أوتي الحكم ولم يقبلها أمر الله الملائكة فنادت داود بالخلافة فقبلها ولم يشترط فيها بشرط لقمان، فأعطاه الله الخلافة في الأرض و ابتلي فيها غير مرة، و كلما يهوي في الخطأ يقيله الله و يغفر له، و كان لقمان يكثر زيارة داود ـ عليه السلام ـ و يعظه بمواعظه و حكمته و فضل علمه، و كان يقول داود له: طوبى لك يا لقمان أوتيت الحكمة، و صرفت عنك البلية، و أعطي داود الخلافة، و ابتلي بالخطأ و الفتنة.. “[2]
فاطمة الحكيم ـ العراق
[1] تفسير الميزان 16: 222
[2] تفسير القمي 2: 162، و عنه بحار الأنوار 13، 409، حـ 2.